أحمد الخروصي Admin
عدد الرسائل : 308 العمر : 36 الموقع : www.alawbi.4umer.com تاريخ التسجيل : 11/12/2007
| موضوع: قطف الأزهار من آداب الأسفار الثلاثاء أبريل 29, 2008 1:52 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، ومن اقتفى أرهم إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا . أما بعد : فهذه رسالة لطيفة في آداب السفر ، اكتبها ونحن في أوائل شهور العطلة الصيفية حيث يكثر السفر والمسافرون ، لتكون تذكرة وموعظة للمتقين ، للاقتداء بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم في سفره وحضره ، وامتثالا لقول رب العالمين ) لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر وذكر الله كثيرا( ( الأحزاب : 21 ) . وسميتها : (( قطف الأزهار في آداب الأسفار )) . وذكرت فيها أيضا : مز الق السفر ومنكراته التي فشت في هذه الأيام ، نسأل الله العظيم الحليم أن يقينا شرها ، ، وأن يحفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين ، إنه سميع الدعاء ، وهو ولي الصالحين ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين . وكتبه محمد الحمود النجدي . في المحرم من سنة 1415 هـ أنواع السفر : السفر ينقسم إلى مذموم ومحمود ومباح . فأما المذموم : فهو ماكان في معصية الله تعالى كالسفر للعاق والديه ، والسفر للوقوع في الفواحش والمحرمات ، والسفر من بلد وقع بها الطاعون ( 1) . وأما المحمود : فمنه ما هو واجب كالحج والسفر لطلب العلم الذي هو فريضة على كل مسلم (2) . ومنه ما هو مستحب : كشد الرحال لزيارة المساجد الثلاثة : المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى . وكزيارة العلماء للتخلق بأخلاقهم وآدابهم ، وتحريك الرغبة للاقتداء بهم ، واقتباس الفوائد العلمية من أنفاسهم . وأما المباح : كالسفر لطلب المعاش والمال . ومن كان قصده بطلب المال التعفف عن السؤال ، وستر الأهل والعيال ، والتصدق بما يفضل عن الحاجة صار هذا المباح بهذه النية من المستحبات ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( إنما الأعمال بالنيات )) (3) . ويدخل في السفر المباح : السفر بقصد الاستجمام والترويح عن النفس ، مادام ذلك في حدود ما أباح الله تعالى لعباده من الطيبات ، وإذا قصد بذلك العودة إلى العمل الصالح بنشاط وقوة فإنه يؤجر عليه . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : (( … النظر إلى الأشجار والخيل والبهائم إذا كان على وجه استحسان الدنيا والرياسة والمال فهو مذموم ، لقوله تعالى : (( ولاتمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى )) ( طه : 131 ) . وأما إذا كان على وجه لا ينقص الدين ، وإنما فيه راحة النفس فقط ، كالنظر إلى الإزهار ، فهذا من الباطل الذي يستعان به على الحق )) (4) . ( 1) ـ لقوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلاتخرجوا منها )) متفق عليه ) من حديث أسامة بن زيد وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم وانظر حكم النهي عن الخروج في الفتح ( 10 / 189 ) (2) ـ وهذا كثير في السلف رضي الله عنهم انظر كتاب (( الرحلة في طلب الحديث )) للخطيب البغدادي وغيره . 3. انظر (( موعظة المؤمنين )) ( ص 238 ) . 4. ـ مختصر الفتاوى المصرية للبعلي ( ص 21 ) . أما السياحة المجردة ففيها تضييع للأعمار ، وتشتيت للقلب وإجهاد للبدن ، ولا تخلو من إسراف في إنفاق المال . قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : ما السياحة من الإسلام في شيء ، ولا من فعل النبيين ولا الصالحين ، ولأن السفر يشتت القلب ، فلا ينبغي للمريد أن يسافر إلافي طلب علم ، أو مشاهدة شيخ يقتدى به . اهـ (1) . وجاء في حديث أبي أمامة رضي الله عنه : إن رجلا قال : يا رسول الله ، ائذن لي في السياحة ! قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله تعالى )) (2) آداب السفر : 1 ـ تقديم الاستخارة : فعن جابر رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم يقول : اللهم إني استخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولاأقدرُ ، وتعلم وأعلم وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا المر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ـ أو قال : في عاجل أمري وآجله ـ فاقدره لي ويسره لي وبارك لي فيه ، وإن كنت تعلم إن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ـ أو قال : في عاجل أمري وآجله ـ فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيثُ كان ثم رضني به ويسمي حاجته )) . والاستخارة هي استفعال من الخير أو الخيرة ، واستخارة الله : طلب من الخيرة ، وخار الله له أعطاه ما هو خير له ، والمراد : طلب خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما ( 3) فما خاب من استشار الخالق سبحانه في أموره كلها ، فإنه لا يدري أين تكون مصلحته ، وفي الإستخارة تفويض أمره إلى ربه سبحانه ليختار له فيه الخير . 1. ـ الآداب الشرعية والمنح المرعية (( لأبي عبد الله محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي )) ( 1 / 431 ) ( 2 ) رواه أبو داود ( 2486 ) والحاكم ( 2 / 73 ) بسند صحيح . ( 3 ) ـ الفتح ( 11 / 183 ) 2 ـ التوبة إلى الله تعالى من المعاصي ، ورد المظالم ، وقضاء الديون وإعداد النفقة لمن تلزمه ، ورد الودائع إلى أصحابها إن كانت عنده ، ولا يأخذ لزاده إلا الحلال الطيب ، وليأخذ قدراً يوسع به على رفقائه ، ولابد في السفر من طيب الكلام ، وإطعام الطعام ، وإظهار مكارم الأخلاق ، والسفر من أسباب الضجر ، ومن أحسن خُلُقه في الضجر فهو الحسن الخلق . ومن تمام حسن خلق المسافر : الإحسان إلى المكاري ( الذي يؤجر دابته للحمل والركوب ) ومعاونة الرفقة والأصحاب بكل ممكن ، وإعانة المنقطع بمركوب أو زاد ، وتمام ذلك مع الرفقاء بمزاح ، ومطايبة في بعض الأوقات من غير فحش ومعصية ، وليكون ذلك شفاءً لضجر السفر ومشاقه (1) . 3 ـ استئذان الوالدين للسفر ، إذ لا يجوز السفر المباح والمستحب إلا بإذنهما ، وأن تستأذن المرأة زوجها ، وأن لا تسافر إلامع ذي محرم كأب أو أخ أو زوج أوعم ونحوه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( لا تسافر المرأة إلامع ذي محرم )) متفق عليه . 4 ـ أن يطلب الرفقة الصالحة الخيرة ، لتعينه على الخير إذا ذكره ، وتذكرة به إذا نسيه ، وقد أمر الله تعالى بمصاحبة الصالحين ، فقال مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولاتعدُ عيناك عنهم تُريدُ زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا )) ( الكهف ) . وقال سبحانه : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )) ( سورة التوبة ) ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( لاتصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلاتقي )) رواه أحمد وأبو داود والترمذي بسند حسن . وليحذر المسلم ـ وخصوصا الشباب ـ من مصاحبة الأشرار وأهل الأهواء والشهوات المضلة ، الذين يُزينون له الفواحش على أنها بطولة ورجولة ، ويدلونه على أماكن الشر والفساد فيزدرونه 5 ـ أن يخرج في رفقة ثلاثة أو أكثر ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( المسافر شيطان والمسافران شيطانان ، والثلاثة ركب )) رواه أحمد وأبو داود والترمذي بسند صحيح . وقوله صلى الله عليه وسلم : (( لو يعلم الناسُ مافي الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده )) رواه البخاري . قال الحافظ ابن حجر : (( لو يعلم الناس ...) أي الذي أعلمه من الآفات التي تحصل من ذلك . 6 ـ وأن يقول المسافر للمقيم (( أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه )) لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن ابن ماجة بسند صحيح . وأن يقول المقيم للمسافر : أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما انه كان يقول للرجل : تعال أودعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا فيقول : (( استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك )) ورواه أبو داود والترمذي بسند صحيح . والمراد بالأمانة هاهنا : أهله ومن يخلفه منهم ، وماله الذي يودعه ويستحفظه أمينة ووكيله ، وجرى ذكر الدين مع الودائع لأن السفر قد يكون سبباً لإهمال بعض الأمور المتعلقة بالدين فدعا له بالمعونة والتوفيق فيها . ذكر ذلك الخطابي وغيره . وجاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! إني أريد سفراً فزودني ، قال : (( زودك الله التقوى )) قال زدني ، قال (( وغفر ذنبك )) قال زدني ، قال : (( ويسر لك الخير حيث ما كنت )) رواه الترمذي (3444 ) وحسنه من حديث أنس وهو كما قال . وقال ابن عبد البر في كتابه (( بهجة المجالس )) : إذا خرج أحدكم إلى سفر فليودع إخوانه ، فإن الله جاعل في دعائهم بركة . وقال الشعبي : السنة إذا قدم رجل من سفر أن يأتيه إخوانه فيسلمون عليه وإذا خرج إلى سفر أن يأتيهم فيودعهم ويغتنم دعائهم [ الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي رحمه الله ( 1 / 421 ) وقال عيسى بن جعفر : ودعت أحمد بن حنبل حين أردت الخروج إلى بابل فقال : لاجعله الله آخر العهد منا ومنك [ المصدر السابق ( 1 / 420 ) . 7 ـ وأن يقول عند خروجه من منزله : بسم الله توكلت على الله لاحول ولاقوة إلا بالله ، فإنه يقال له : كفيت ووقيت ويتنحى عنه الشيطان ، كما في حديث أنس رضي الله عنه رواه الترمذي ( 3426 ) بسند صحيح . 8 ـ ويذكر دعاء السفر في خروجه وعند رجوعه ، فإن فيه خيراً كثيراً وتيسيراً عظيماً للمسافر . وهو ما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً ثم قال : (( سبحان الذي سخر لنا هذا وماكنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون )) [ الزخرف : 13 ـ 14 ] ، (( اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى ، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطوعنا بعده ، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر ، وسوء المنقلب في المال والأهل )) وإذا رجع قالهن وزاد فيهن (( آيبون تائبون لربنا حامدون )) رواه مسلم . ومعنى (( مقرنين )) : مطيقين . 9 ـ وأن يكبر الله تعالى كلما علا شرفا ( جبل أوتل أو غيره ) وأن يسبح الله تعالى إذا نزل واديا ، لحديث أنس رضي الله عنه قال : كنا إذا صعدنا كبرنا ، وإذا نزلنا سبحنا . رواه البخاري ونحوه عن ابن عمر رضي الله عنهما . 10 ـ ويستحب السفر يوم الخميس لحديث كعب بن مالك قال : (( قل ماكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في سفر إلا يوم الخميس )) رواه البخاري . وقال النووي : فإن لم يكن في يوم الاثنين ، لأنه صلى الله عليه وسلم هاجر من مكة يوم الاثنين . 11 ـ ويستحب أن يكون في أول النهار ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( اللهم بارك لأمتي في بكورها )) رواه احمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وفي لفظ (( بورك لأمتي في بكورها )) رواه الطبراني في الصغير والأوسط بسند صحيح . ومع ذلك فإنه يجتنب التشأوم بالأيام أو الساعات أو الشهور لأن ذلك من التطير المحرم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التفاؤل ويكره التشأوم . 12 ـ أن يغتنم السير في الليل إذا قدر عليه ، لحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الأرض تُطوى بالليل )) رواه أبو داود بسند حسن . وقد احتج أبو داود وغيره على كراهة السير أول الليل بحديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( لاترسلوا فواشيكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء ، فإن الشياطين تبعث إذا غابت الشمس ، حتى تذهب فحمة العشاء )) رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه . والفواشي : كل شيء منتشر من المال كالإبل والغنم وسائر البهائم وغيرها ، وهي جمع فاشية لأنها تفشوا أي تنتشر في الأرض (( نووي ) . 13 ـ وإذا نزل للنوم والاستراحة فليجتنب الطريق ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا سافرتم في الخصب ، فأعطوا الإبل حظها من الأرض ، وإذا سافرتم في السنة فأسرعوا عليها السير ، وإذا عرستم بالليل ، فاجتنبوا الطريق فأنها مأوى الهوام بالليل )) رواه مسلم . وفي رواية : (( فإنها طرق الدواب ، ومأوى الهوام بالليل )) . والتعريس : النزول آخر الليل للنوم والاستراحة قال النووي رحمه الله : وهذا أدب من آداب السير والنزول أرشد إليه صلى الله عليه وسلم ، لأن الحشرات ودواب الأرض من ذوات السموم والسباع وغيرها ، تمشي في الليل على الطرق لسهولتها ، ولأنها تلتقط منها ما يسقط من مأكول ونحوه ـ وما تجد فيها من رمة ونحوها ، فإذا عرس الإنسان في الطريق ربما مر به ما يؤذيه ، فينبغي أن يتباعد عن الطريق . | |
|